Thursday 14 February 2013

صحة حديث علي رضي الله عنه (لاتنم قبل أن تأتي بخمسة ......)


جواباً على سؤال صحة حديث : " يا علي ، لا تنم قبل أن تأتي بخمسة أشياء ، هي: قراءة القرآن كله ، والتصدُّق بأربعة آلاف درهم ، وزيارة الكعبة ، وحفظ مكانك في الجنة ، ورضاء الخصوم .. ) إلى آخره .
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد فأقول عن هذا الحديث والله تعالى اعلى واعلم ، أن هذا الحديث الذي يتداوله الناس كثيرا لما يبدو في ظهره من حسن الكلام ، أنه حديث لا أصل له ، وفيه من علامات الوضع ما لا يخفى على أحد من أهل العلم ، وإن كان قد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن قراءة سورة الإخلاص : " قل هو الله أحد " تعدل ثلث القرآن انظر ما رواه البخاري (5013) ومسلم (811) ، كما صح أيضا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في فضل سورة الفاتحة أحاديث متعددة انظر ما رواه البخاري (4474) ومسلم (806) ، وكذلك صح في صنوف الذكر من التهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك أحاديث ووردت فيها نصوص ، لكن هذا الحديث المسؤول عنه بهذا اللفظ وبهذه المقادير والأجور والخصائص لا يصح ، وفي هذا السياق فإني أنبه إلى أن هناك كتاباً يتضمن وصايا من النبي – صلى الله عليه وسلم – لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه – وقد طُبع مراراً أنه كتاب مكذوب على نبينا – صلى الله عليه وسلم - ، يجب الحذر منه وتحذير الناس منه . وقد نبّه العلماء على كذب غالب الوصايا المنسوبة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – زوراً وبهتاناً والموجَّهة – بزعمهم- إلى عليّ – رضي الله عنه – مبدوءة بعبارة : " يا علي " حتى قال بعض أهل العلم : " إن وصايا علي المصدّرة بياء النداء كلها موضوعة غير قوله – صلى الله عليه وسلم -: " يا علي، أنت مني بمنـزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " فقد رواه أحمد (27467) وانظر ما رواه البخاري (3706) ومسلم (2404) وإن كان في هذا الحصر نظر، لكن يبقى أن غالب هذه الوصايا مكذوب، فعلى المسلم أن يحذر من أمثال هذه الأحاديث وأن يسأل عنها أهل العلم . 
ومن هذه الوصايا ما أورده ابن الجوزي في الموضوعات ( رقم 1677، 1678) والصنعاني في الموضوعات ( رقم 9،8) ، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ( 2/373 – 376) ، والأسرار المرفوعة لملا علي القارئ ( رقم 614) والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع له أيضاً ( رقم 436) والتنكيت والإفادة لابن هِمّات (44-45) . والله أعلم . 
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه . اهـ

Sunday 10 February 2013

سبيل النجاة ملازمة باب الإنابة


سبيل النجاة ملازمة باب الإنابة

   إن الأصل في الإنسان أنه يذنب ، فالكمال لله وحده ، فأيها المذنب : إذا ما أحسست نفحات الجزاء من الله تعالى لك فلا تكثر من الضجيج والجلبة ، و لا تقولن قد تبت و ندمت ورجعت ، فهلا زال عني من الجزاء ما أكره! بل تأمل أخي المسلم ، فلعل توبتك ما تحققت في واقع الأمر ، فإن للمجازاة زماناً يمتد امتداد المرض الطويل ، فلا تنجح معه الحيل مهما كانت حتى ينقضي أوانه ، فالصبر هو الطريق الوحيد ، فاصبر أيها الخاطئ حتى يتخلل ماء عينيك خلال ثوب القلب المتنجس بدرن المعصية ، فإذا عصرته كف الأسى ، ثم تكررت دفع الغسلات حكماً بالطهارة ، فكم بقى آدم يبكي على زلته ، وكم و مكث أيوب عليه السلام في بلائه فصبر ، وكم أقام يعقوب يبكي على يوسف عليهما السلام سنين ذوات العدد.
فلتعلم أخي المسلم أن للبلايا أوقات ثم تنصرم وتزول ، و رب عقوبة امتدت إلى زمان الموت ، فاللازم لك أخي المسلم أن تلازم محراب الإنابة والتوبة ، و تجلس جلسة المستجدي من ربه ، و تجعل زادك هو القلق ، و شرابك البكاء والندم ، فربما قدم عليك البشير ببشارة القبول ، ورفع البلاء ، فيتبدل بك الحال من حال إلى حال ، كما ارتد بيعقوبَ الحزنُ بصيراً ، وإذا ما وافتك المنية في حال حزنك وبلائك فربما ناب حزن الدنيا عن حزن الآخرة ، و في ذلك ربح عظيم.
فألزم أخي المسلم باب مولاك ، وحافظ على الإنابة ، وإياك ثم إياك أن يتسرب إليك القنوط واليأس ، أسأل الله تعالى أن يرزقنا صدق الإنابة إليه ، وأن يجنبنا بلاءا لا طاقة لنا به ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

د. محمد علي
دكتور بقسم العلوم السياسية 
جامعة لندن


Sunday 6 January 2013

القاعدة المُسَلَّمة: لا يضيع عند الله شيء




   
إخواني في الله ، إنّ من أعظم النصائح تلك التي توجهك إلى أعظم الأمور ، وعليه تكون أعظم نصيحة هي إنه بقدر إجلالكم لله سبحانه وتعالى يجلكم ، و بمقدار تعظيمكم قدره و احترامه يعظم أقداركم و حرمتكم ، فإذا ما تأملتم من حولكم لرأيتم و الله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه ، ثم تعدى الحدود في كبره فهان عند الخلق ، و كانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة علمه ، و قوة مجاهدته وماذلك إلا لتعديه على حدود الله.
و في نفس السياق قد ترى من كان يراقب الله عز وجل في صبوته وشبابه مع قصوره ،  فعظم الله قدره في القلوب حتى علقته النفوس ، و وصفته بما يزيد على ما فيه من الخير ، و رأيت من كان يرى الإستقامة إذا استقام ، فإذا زاغ مال عنه اللطف ، و لولا عموم الستر و شمول رحمة الكريم المنان لافتضح هؤلاء المذكورون ، غير أنه في الأغلب تأديب أو تلطف في العقاب كما قال الشاعر :
ومن كان في سخطه محسناً     فكيف يكون إذا ما رضى

إن الواجب على كل ذي لب أن يعلم أن القاعدة المسلمة التي لا شك فيها أن الحكم العدل لا يحابي ، و الحاكم بالجزاء سبحانه وتعالى لا يجور أبدا ، و ما يضيع عند الحق الأمين شيء قل أم أكثر ، فإذا ما علمت ذلك فألزم سبيل الله المستقيم ، واحفظ حدود الله في كل أحوالك يحفظك في ضعفك قبل قوتك ، والله أسأل أن يلزمنا حدوده فلا نتعداها ، وأن يحفظنا من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا أتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا إجتنابه ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

بقلم / د. محمد علي

Saturday 8 December 2012

شريعة الله ، أم شريعة البشر؟


شريعة الله ، أم شريعة البشر؟

ما من مجتمع من المجتمعات يستطيع أن يعيش وأن يتطور دونوجود تشريع يضبط حركاته وأحكامه ، وتعتبر أكثر الدول حضارة هي أقلها تشريعا فيالغالب ، فإن كثرة التشريعات وتقلبها ، لدليل واضح على القلق وعدم الإستقرار ،فالهدف الأساسي الذي وجدت من أجله التشريعات هو حماية الأفراد وصيانة الأمن وإقامةالعدل وتحقيق تكافؤ الفرص للجميع ،والمساوة أمام القانون وإرشاد جموع الأمة لتحقيقالخير العام للأفراد والوطن.
لقد ضلت كثير من الدول عن الصراط المستقيم عندما وضعتتشريعاتها ، إذ أنها جعلت القانون في خدمة فرد أو جماعة أو قبيلة أو حزب مضحيةبذلك بأمن الناس وحرية الكلمة وميزان العدل. ولو أن دولة من الدول قد تخلصت منالهوى ، فإنها تصبح في حقيقة أمرها مجرد شرطي سلبي ، تفرض الضرائب على كاهل شعبهالتحميه من المجرمين في الداخل ومن غزاة الخارج ، ولكنها وفي ذات الحال قلَّإهتمامها بالأخلاق ويقظة الضمير ونقاء النفس وطهارتها وسلامة القلب.
إن التشريع الوضعي إنما يتم وضعه ليكون رادعا للناس منأغتصاب حقوق الغير أو الإضرار به ، وقلَّما يهتم تشريع وضعي بإشاعة المحبةفيما بين الناس والسمو الروحي ونزع الكراهية من القلوب ، فيا ضيعة البشرية إذا ماكانت المقايس لديها هي تلك المقايس المادية البحتة فقط التي تحدد العلاقات فيمابين البشر الذين هم خلفاء الله في الأرض.
إن الشارع في كل مكان وزمان لا يمكن أن يخرج عن ذاته وعنهواه ، وإن حاول جهده أن يكون محايدا ولا شبهة في إخلاصه وحسن نواياه ، ولن يستطعمهما أوتي من ذكاء وفطنة وسعة أفق أن يلم بكل القضايا والدوافع والنوازع والأحداثوالملابسات ، فعل سبيل المثال ، فالرجال وهم الأكثرية وهم الحكام والمشرعونوالقضاة ، يشرعون قواعد وقد يكون ذلك بحسن نية تزيد في حقوقهم على حساب حقوق المرأة، فكان نتيجة لذلك  عصور من الضياع التينكبت بها البشرية.
إن المشرع في التشريعات الوضعية فشل فشلا ذريعا في أنيجعل الناس رقباء على أنفسهم يحاسبون ذواتهم على الهنات والهفوات والشبهات قبل أنيحاسبوها على الكبائر ، بل كان أقصى ما نجح فيه أن وضع عقوبات على المخالفاتوالجرائم ، كما ان هذه العقوبات لا ينالوها إلا من وقع في قبضة القانون درءا لماتوهم أنه يقود إلى فساد المجتمع ، فعاش الناس بقلوب واجفة بدلا من أن يعيشوابأفئدة راضية وقلوب مطمئنة فيرفرف على المجتمع أجنحة المحبة والسلام.
إن المتأمل في واقع الحال يجد أنه لم ينجح أي قانون وضعيفي إقامة العدل الممطلق والمساواة التامة والأخوة الحقيقية بين الناس ، مما ترتبعلى ذلك القلاقل والفتن والمؤامرات والثورات والحقد الطبقي وأكل الأقوياء لحقوقالضعفاء.
إن الله خالق الناس أجمعين ، (عالم الغيب والشهادة) ،(لا يعزب عنه مثقال ذرة) ، (وهو بكل خلق عليم) ، (وسع كل شيء علما) ، (عليم بما فيالصدور) ، قد شرع للناس ما يضمن لهم سعادة الدنيا والآخرة ، ولكن غرور البشروطمعهم فيما بين بعضهم البعضا ، جعلهم يعرضون عن شرع الله ليسطروا بأيديهم شقاءهم.
إن شريعة الله تجعل همَّها وهدفها ، أن تشحذ الهمم وتطهرالضمائر ، وتهذب النفوس ، وتشفي القلوب ، وتقوي أواصر الأخوة الإنسانية ، وتزينالإستقامة ، وتحض على الإصلاح ، وتنفر من البغي والإعتداء ، وتشجع على البروالتقوى والتعاون ، وتأمر بالعدل والإحسان ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
إن الحقيقة المسلمة التي لا غبار عليها أن شريعة الله لاتميل مع هوى الحاكم او المحكوم، بل إنك تجد أن الكل أمام العدل الإلهي سواء ،فالجزاء الأوفي يكون لمن أستجاب واناب واطاع ، والعذاب الأليم لمن عصى وأعرض ،فأتباع شريعة الله تعالى يكون ثمرته للبشر تحقيق سعادة الدنيا والأخرة.
إن شرعة الله ، ذاك المنهج الإلهي غايته تحقيق كرامةالإنسان ويمنحه الحرية الحقيقية ويحرره من العبودية ، بجميع أنواعها ومختلفمسمياتها ، يحرره من العبودية للناس ويعدوه إلى عبودية الخالق رب الناس ، إن شرعةالله إنما جُعِلت حتى تُقيم للناس إلها وسيدا واحدا وتقف سدا منيعا حائلا بين أنيكون الناس آلهة لبعض.
إن الله يختص بعلمه ، ذلك العلم المطلق الذي يحتاج إليهوضع وتأسيس منهج للحياة ودستور للبشرية ، وقد وضع الله تعالى لنا هذا المنهجالرباني ؛ أفليس من خطأ الرأي أن نجتنبه ونحيد عنه ، وأن نتبع أهواء أناس من البشرمهما بلغ علمهم وارتقى فكرهم فهم بشر لهم إجتهاداتهم التي قد تصيب وقد تخطأ ولهم نوازعهمالتى قد تورد المهالك ولهم أماني التي في غالبها تتسم بالشخصية والذاتيه ، ولهموسوساتهم التي تسول لهم الباطل حقا والحق باطلا؟
سؤال يطرح نفسه منذ الإلتفات عن شريعة الله ألا وهو ماذاقاد التشريع الوضعي للناس؟ لقد نخر الفساد والإنحلال والأمراض العضوية والعصبيةوالنفسية في جسد البشرية ، تبجح الشذوذ العقلي والجنسي في جسم الحضارة ، وأصبحتالبشرية تعاني من التميع والإستهتار والإستخفاف بكل عقيدة وكل رأي ومذهب ، وأضحىالعالم على شفا جرف هار ، فصارت العودة إلى الله هي وحدها طوق النجاة.
إن من رفق القدر بنا ، أن بين أيدينا كتابا منيرا لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لقد برهن لنا هذا الكتاب كماله في التشريعوكونه دستورا يقود البشر بما أثبته ذلك مع سلف هذه الأمة حين اتبعوه قادهم الىالمجد ، وسيقودنا حتما إذا ما عدنا إليه إلى العزة والكرامة والقوة والأمنوالسلام.
لقد زعم فريق من الذين لا يتعمقون في فهم الأشياء ، أنالإسلام ليست له نظرية إقتصادية متكاملة يمكن تطبيقها في هذا العصر ، ولكنهم تناسوأن هذه النظرية قد طبقت واقعا في صدر الإسلام لما كان الشرق الأوسط كله يسعدبتطبيق شريعة الله ، الشريعة الإسلامية ، إنها طبقت في عهد الخليفة هارون الرشيديوم أن كانت رقعة الدولة الإسلامية تكاد أن تكون العالم المتحضر كله في ذلك الوقت.
إن المال في الإسلام ليس مال أحد من البشر ولكنه مالالله تعالى ، والناس مستخلفون فيه ، فلا ينبغي كسب المال إلا من السب التي شرعهاالله تعالى وحددها فهو الصاحب الحقيقي للمال ، وأن يتم توجيه الإنفاق في السبلالتي حددها الله تعالى للإنفاق ، فأما إن أساء المستخلف في مال الله ولم يوفه حقهفللحاكم أن ينزع ذلك المال منه وأن يوجهه للخير العام ، إن الجكومة في شريعة اللههي الساهرة على تنفيذ أوامر الله تعالى ونواهيه ، فإن لم تقم بواجبها فعلى الشعبأن ينحيها عن الحكم.  فإن قصَّر الشعب فإنالله تعالى يُذهب الجميع ويأتي بخلق جديد ، وليس ذلك على الله بعزيز.
قضى الإسلام على عبادة المال وهدم طغيان الثروات ،ونبَّه وعرف ضرورة دوران المال وأنه كالدم للجسم لابد وأن يدور دورته الكاملة فيجسم الإنسان حتى يظل معافى يؤدي كل عضو فيه وظيفته على أكمل وجه ، لذلك ذم اللهالبخل وحرم كنز الأموال وفي المقابل حثَّ على الصدقات والإنفاق في سبيل الله.
ولا يرضى الإسلام أن يكون المال في إيدي قلة من الناس لايعملون على الإنفاق في الخير العام وإصلاح المجتمع والتواصل الإجتماعي ، إنالإسلام لا يرضى أن يكون المال هو أداة تثير طبقة على طبقة فتسيل من أجل ذاك المالسيول من الدم ، فالقاعدة الراسخه في الإسلام أن المؤمنون إخوة. والإسلام لا يرضىعن الطغيان ، فسواء عنده الطغيان هو طغيان الرأسماليين أو طغيان العمال ، فالإسلامأساسه العدل ، ويعطي كل ذي حق حقه ، فهو يضرب على أيدي العابثين بلا تفريق ، حتىيصل بالمجتمع إلى حياة أكثر رخاء وغنى ورفاهية ، ويصل بالمجتمع إلى العدل الحقيقيغير المزيف والحياة الحره الكريمة كما أردها الله تعالى  للناس.
إن حقيقة المال في الإسلام أنه عقيم بمعنى أنه لا يلدوحده ـ بل لابد من امتزاجه بالعمل حتى تحصل الثمرة ، وله أن يتشرك في هذه الثمرهسواء أكانت حلوة أم مرة ، فإذا كانت الثمرة كسبا شارك في الكسب ، وإذا ما كانتخسارة تحمل نصيبه منها ولا مناص.
فالمال وحده عاجز عن أن يؤدي وظيفته منتجة بذاتها ، أماالمال فهو لا يستحق ربا ، بينما العمل وحده يستطيع أن يثمر فيستحق المكافأة، اييستحق الأجر ، أم المال فهو لا يستحق ربا ، لأن الفائدة لا تؤدي أي منفعة عامة ولاتحقق رخاء في الدنيا ، بل إنها تعمق شروخ المجتمع وتعزز الحقد الطبقي وتفاوتالطبقات وإختلال ميزان التكافل الإجتماعي ، بل حقيقتها أنها تنهش بمخالبها الفتاكةأفئدة المدينين وتسلبهم كرامتهم وكبريائهم وقد ينتهي بهم المطاف إلى سلبهم حريتهم .
جرَّم الإسلام الربا وحرمها لأنه إبتزاز سافر لأموالالمدينين ، ولأنه يتعارض مع حقيقة الإسلام التي تنادي بالمحبة والعدل وتحريم الظلم، ولأن الربا يساهم بشكل أساسي في إيجاد طبقة من العطلين الذين يعيشون على إقراضالناس فائض أموالهم أو ماورثوه عن آبائهم من غير جهد ولا عمل ، بينما الإسلامبرسالته الإنسانية السامية يقدس العمل ويحترم العاملين ولا يرضى أن يؤول الحال فيالمجتمعي إلى قطيع من مصاصي الدماء.
إن الربا لا يعكر الإنسجام الإجتماعي او يقطع أواصرالنسيج الإنساني فحسب ، بل إنه يفضي إلى العدوان الإقتصادي بزيادة ثروات المرابينعلى حساب المدينين. بل ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعداه إلى فرض سيطرة أفراد علىأفراد مثلهم ، بل يتعدي مستوى الأفراد إلى سيطرت مجتمعات دائنة على مجتمعات فقيرةمدينة ، وسيطرت دول دائنة على دول فقيرة ومدينة ، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى شعورقاسي بالمرارة بين المدينين سواء كانوا افرادا او مجتمعات أو دول ، الأمر الذييفضي إلى عداوة مستترة سرعان ما تكشف عن وجهها.
إن الإقراض في الإسلام شيء مستحب فهو من باب المعونة وليسمن باب العملية التجارية ، لأن الإسلام دين مكارم الأخلاق قبل كل شيء ، فرسولالإسلام صلى الله عليه وسلم قد بعث ليتمم مكارم الأخلاق ، وإنَّ من أسمى وأعلىمكارم الأخلاق هو مد يد العون إلى الأخر وأهم أنواع العون هو ما تقدمه لفك ضائقةمادية إلى أخ لك ، وعلى خلاف تلك الرسالة السامية أن يستغل الفرد ضيقة أخيه لتحقيقكسب دون مجهود أو عمل.
حدد التشريع السماوي الرباني الخطوط العريضة للقضاياالتي تيسر وتسهل للناس حياة عادلة سعيدة مستقرة وكريمة ، وترك للبشر الإجتهاد فيوضع ما يصلح لدنياهم على هدي القوانين الإلهية ، المستمده من القرآن والسنة ونهجأهل السنة والجماعة ، وقد حقق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك النهج السماوي ،الشريعة الإسلامية ، فكانت سنته منهجا للمسلمين من بعده ، ليجدوا في رحابها الصراطالمستقيم والنجاة بخيري الدنيا والدين والوصول بالمجتمع الإنساني حقيقة السعادةوالتي تتمثل في سعادة الدنيا والآخرة.
والله أسأل أن يجعل شريعته دستورا ينير قلوبنا وحياتنا ،وأن يجنبنا الشطط والزلل ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.  


د. محمد على
أستاذ
بقسم العلوم السياسية
جامعة لندن



Tuesday 4 December 2012


·       طول الأمل وقرب الرحيل
 
   
يجب على كل مسلم لا يدري متى يباغته الموت أن يكون جاهزا ومستعداً إذا ما حلَّ بساحته ، و في ذات الوقت عليه ألا يغتر بالشباب و الصحة ، فإنه إذا ما تأمل قليلا لوجد أن أقل من يموت هم الأشياخ ، و أكثر من يموت الشبان و لهذا يندر من يكبر .
إن من أعظم المهالك الإغترار بطول الأمل ، فما من آفة أعظم على الإنسان منه ، فإنه لولا إنشغال الإنسان بطول الأمل ما وقع منه إهمال قط. و إنما لسان حاله يعمل على تقديم المعاصي و تأخير التوبة لطول الأمل و تبادر الشهوات والأهواء ، و في ذات الحال يتناسى الإنابة لطول الأمل.
فأخي المسلم إجعل نصب عينيك ، أنك إن لم تستطع قصر الأمل ، فاجعل عملك عمل قصير الأمل و لا تمس حتى تنظر فيما مضى من يومك ، فإن رأيت زلة فجعل جهدك في محوها بتوبة صادقة ، وإذا ما اتسع عليك خرق المعاصي فاجعل همك أن ترقعه بإستغفار ، و إذا أصبحت فتأمل ما مضى في ليلك . و إياك و التسويف فإنه أكبر جنود إبليس ، وهو مزالق التهلكة للعبد.

أخي المسلم  صور لنفسك قصر العمر ، وتمثل أمام ناظريك كثرة الأشغال واقعا ، و قوة الندم على التفرط في جنب الله عند الموت ، و طول الحسرة على البدار بعد الفوت ، حقيقة ثواب الكاملين الصابرين و أنت ناقص ، و المجتهدين و أنت متكاسل ، و لا تخل نفسك من موعظة تسمعها ، و فكرةتحادثها بها ، فإن النفس كالفرس المتشيطن إن أهملت لجامه لم تأمن عواقبه أن يرمي بك . و قد و الله دنستك أهواؤك ، و ضيعت عمرك في متهالك ، ولا حول ولا قوة الا بالله.
   
فالبدار أخي المسلم في الصيانة والتعويض ، قبل تلف الباقي من الحياة ، فكم تعثر في فخ الهوى قدم حازم ، و كم وقع في بئر بوار متهالك ، فليلزم كل مسلم منَّا طريق الصلاح وليضع الموت نصب عينيه وليعمل على محبة لقاء الله ، وليسارع بالتوبة ، أسأل الله تعالى أن يرزقنا صلاح الدنيا والدين ، وأن يمنَّ علينا بتوبة قبل الموت ، وعند الموت شهادة ، وبعد الموت ثبات في القبر ، وبعد القبر رفقة الأنبياء والصالحين ، هو ولي ذلك والقادر عليه ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
د. محمد على 



Wednesday 21 March 2012

سلسلة أعذار المتقاعسين الجزء الخامس


إن على رأس الأعذار التي يتعلل بها المتقاعسين ألا وهي الإنشغال بإبرازُ الشخصياتِ المتقاعسةِ وتعليلُ النفس بهم ، وأنه ليس الوحيدَ في هذا المجال الذي يقعد عن الدعوة إلى الله تعالى.
ونسي هذا الأخ المتقاعس بأنه سيدفن وحدَه ويبعثُ يوم القيامة وحده وسيقفُ بين يدي الله وحده وسيسأل وحده ، فيومئذ: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} نسي هذا أنه في مضمار مسابقة والتنافس في مجال الخير. وقد لام الله تعالى القاعدين فقال سبحانه وتعالى: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم}.  ولو تأمل هذا الأخ في سيرة سلفه الصالح لوجد الجواب الكافي ، فلله درُّ الإمام إبراهيم الحربي حين قال عن الإمام أحمد: (ولقد صحبته عشرين سنةً صيفاً وشتاءً وحراً وبرداً وليلاً ونهاراً، فما لقيته في يوم إلا وهو زائدٌ عليه بالأمس).
وهذا الإمام حماد بن سلمة حيث يبرز كيف كان التنافس في الطاعه عند السلف حيث قال: (ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاعُ اللهُ فيها إلا وجدناه مطيعاً، إن كان في ساعةِ صلاةٍ وجدناه مصلياً، وإن لم تكن ساعةُ صلاة وجدناه إما متوضئاً، أو عائداً مريضاً، أو مشيعاً لـجَنَازة، أو قاعداً في المسجد، وكنا نرى أنه لا يحسن أن يعصي الله) ، ويذكر جرير بن عبد الحميد: أن سليمان التيمي لم تمر ساعةٌ قطُّ عليه إلا تصدقَ بشيء، فإن لم يكن شيءٌ، صلى ركعتين.فهذا هو حال سلفنا الصالح الذين أخلصوا دينهم لله ، فجعلوا همهم الأول والأخير هو العمل لهذا الدين وسخروا لهذا كل حياتهم ، رضي الله عنهم وارضاهم أجمعين. 
وهناك فريق أخر تقتله الحساسيةُ المرهفةُ من النقدِ أو اللومِ وتقف حائلا منيعا بينه وبين العمل لدين الله ، فالبعض لا يريدُ أن يلامَ أو يحاسبَ، أو ينتقدَ، فإذا واجه ذلك تأثرَ وانقطعَ عن العمل لدين الله وصد عنه ، إما بالشعور بالإحباطِ بأنه لا يحسنُ العمل ، أو أنه وصل إلى مقامٍ أو درجة من العلم التي معها لا ينبغي أن ينتقدَ، أو أن مثلَ فلان كيف يوجهُهُ وينتقدُهُ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . أين هذا من عمر رضي الله عنه حيث قال: رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا!. وهذا عمر بن عبد العزيز ـ الخليفة الراشد ، والتابعي العالم، والزاهد التقي، والإمام القرشي ـ تراه يقول لمولاه مزاحم: إن الولاةَ جعلوا العيونَ على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمةً تَربأُ بي عنها، أو فعلاً لا تحبُّه، فعظني عنده، وانهني عنه. ولله درُ بلال بن سعد لحيث قال لصاحبه: بلغني أن المؤمن مرآةُ أخيه، فهل تستريبُ من أمري شيئاً؟. وهذا ميمون بن مهران يقول: قولوا لي ما أكرهُ في وجهي، لأن الرجلَ لا ينصحُ أخاه حتى يقولَ له في وجهه ما يكره .
ومن زهرة ما قال بعض السلف: إن من حق العاقلِ أن يضيفَ إلى رأيه آراءَ العلماء، ويجمعَ إلى عقلِهِ عقولَ الحكماء، فالرأي الفذُّ ربما زلَّ، والعقل الفردُ ربما ضل.
 وهناك أناسٌ قد يتساقط بسبب أنه لا يُذكرُ عملُهم أو ينوهُ به أو يحمدون عليه ، وكأن عملَهم للناس وليس لله تعالى ، كأن لسان حاله يقول: ليس هنا أحدٌ يقدرُ الجهودَ أو ينظر في النتاج، أو يحترمُ العاملين، وما عندنا أحد ينزلُ الناسَ منازلَهم!!  وصدق الربيع بن خيثم رحمه الله حيث قال: كل ما لا يراد به وجهُ الله: يضمحل. وعلى نفس النهج نجد أن ابن الجوزي رحمه الله يقول: والصدقُ في الطلب منارٌ أين وجد يدلُّ على الجادة وإنما يتعثرُ من لم يخلص.
وهذا الإمام الجيلاني يقول: يا غلام: فقهُ اللسان بلا عمل القلب لا يخطيك إلى الحق خطوةً، السيرُ سيرُ القلب.قال تعالى: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا } روى حماد بن زيد عن أيوب قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين لو أتيت المدينةَ، فإن قضى الله موتاً، دفنت في موضع القبر الرابع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله لأن يعذبني اللهُ بغير النار أحبُّ إلي من أن يعلمَ من قلبي أني أراني لذلك أهلاً.
 نوع أخر وإن شئت فقل أفة أخرى تتفشى بين المكاسلين عن اللحاق بركاب الدعوة ، حيث تراهم ينشغلون بتفريغُ الطاقة في التناجي بأن يناجي شخصاً بأن شيخَه ليس مؤهلاً، أو ليس عندَه برامجُ تواكبُ التطور للعصر الحديث ، أو لا جديدَ عنده يستطيع تقديمه ، فإذا وافقه صاحبُهُ على ذلك انتقل إلى آخر فيحدثه بمثل ذلك الحديث وهكذا دواليك.  وليس عنده بدائل يطرحُها ولا برامجُ يقترحها، وإنما حمله الحسدُ أو السآمةُ من العمل ، أو حبُّ الرياسة والظهور ، أو لا يريد أن ينقطعَ عن القافلة وحده. ولقد قال السري السقطي البغدادي: ما رأيت شيئاً أحبطَ للأعمال، ولا أفسدَ للقلوب، ولا أسرعَ في هلاك العبد، ولا أدومَ للأحزان، ولا أقربَ للمقت، ولا ألزمَ لمحبة الرياء والعجب والرياسة من قلة معرفة العبدِ لنفسه، ونظرِهِ في عيوب الناس.
والمسلم المتبصر بحقائق الأمور إن أراد أن يبحث في السبب الكامن وراء تنافر القلوب لوجد أنه لا يتعدى الأسباب التالية: فلتةُ لسان، أو هفوةٌ لم تغتفر، أو ظنٌّ متوهم. قال ابن القيم رحمه الله: من قواعد الشرع، والحكمة أيضاً، أن من كثرت حسناتُه وعظمت ، وكان له في الإسلام تأثيرٌ ظاهرٌ، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره ، وعفى عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماءِ القليل، فإنه لا يحتمل أدنى خبث.
ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جَسَّ عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً، فدل على أن مقتضى عقوبتِهِ قائمٌ، لكن منع من ترتبِ أثرِهِ عليه ما له من المشهد العظيمِ، فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات، وإنشئت فتأمل أخي الحبيب معي فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عثمان رضي الله عنه ، حينما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقةَ العظيمةَ قال: ما ضر عثمانَ ما عمل بعدها، وإن أردت المزيد من الإمثلة فهاكم موقف سجله التاريخ لطلحة رضي الله عنه حيث قال له صلى الله عليه وسلم لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة: أوجب طلحة مفتاح دار السعادة.
إعلم أخي المسلم ، أن حال الناس لا يخلو إلا من مسيء أومحسنٍ وكم من مسيء قد تلافى فأحسنا ، من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط ، من ذا الذي ترضا سجاياه كلُّها كفى المرءَ نبلاً أن تعد معايبُه.
أسأل الله تعالى ، أن يرزقنا صدق العمل لدينه القويم وأن يلهمنا رشدا ، وان يستخدمنا للدعوة لدينه ، وألا يستبدلنا هو ولي ذلك والقادر عليه ، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Tuesday 6 March 2012

التوبة النصوح طريقك لصدق اليقين بالله



إن أول موقف من مواقف اليقين بالله هو موقف التوبة الصادقة، ولذلك ما من إنسان تثقل كاهله الذنوب وتشتد عليه المعاصي ، ثم يريد أن ينيب إلى الله ويتوب إليه إلا امتحنه الله باليقين، وكلما عظمت ذنوب الإنسان ينبغي أن يقف بيقين أعظم منها بالله الرحمن الرحيم. ولذلك ذكر أن رجل كان كثير الذنوب، كثير الخطايا والمعاصي ، فجاءه رجل يذكره بالله، وكان هذا الرجل كثير النصح له، فلما أكثر عليه نصحه ذات يوم قال له: إن الله لا يغفر لك، فاستفاق من غفلته وانتبه من منامه، وقال له وهو على يقين بالله: سأريك كيف يغفر الله لي ذنبي، فخرج إلى التنعيم بمكة فأحرم بالعمرة تائباً إلى الله فطاف بالبيت فخرَّ ميتاً بين الركن والمقام. فما أيقن الإنسان بالله عز وجل حق اليقين وخيبه الله سبحانه، ولو أنه جاء إلى الله بذنوبٍ بلغت عنان السماء وقلبه عامر باليقين بالله ما خيبه الله،ولعل أفضل دليل على ذلك  قصة الرجل الذي  قتل مائة نفس، آخرها عابد من العبّاد، فلما قتله جاء إلى رجل من أعلم أهل الأرض في زمانه، وقال له: هل لي من توبة، فإني قتلت مائة نفس؟ فقال له ذلك العالم: وما الذي يمنعك من التوبة.. ثم أمره أن يخرج إلى قوم صالحين، وأن يهاجر إلى الله رب العالمين، فخرج من قرية السوء إلى تلك القرية الصالحة، فأدركه الموت في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: إنه جاء تائباً إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه قد قتل مائة نفس فأرسل الله إليهم ملكاً فأمرهم أن قيسوا ما بين القريتين -عزت عند الله خطواته إليه في آخر حياته، تائباً إلى الله عز وجل، ونظر الله إلى قلبه وهو معمور باليقين- فأوحى الله إلى قرية الصالحين أن تقاربي، وإلى قرية السوء أن تباعدي. وإن دلّ هذا الحديث على شيء فإنما يدل على أنه ما أيقن أحد بالله فخيبه الله ، وكيف لا والله يقول في الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه – حيث قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى: ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) . فخير ما يوصى به العبد المؤمن من منازل اليقين أن يقوي يقينه بالتوبة الدائمة والصادقة إلى الله تعالى ، وما أكثر عبدٌ من التوبة والإنابة إلى الله إلا تحاتت ذنوبه فازداد إيمانه وقوي يقينه. أٍأل الله تعالى أن يجعلنا ممن صدقت توبتهم فكانت الطريق لتثبيت يقينهم بالله تعالى ، وأسأله أن يرزقنا حسن الإتباع ، وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.